أشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها الى أن "حزب العدالة والتنمية التركي ورئيسه رجب طيب أردوغان يسابق الزمن لترميم الخلافات التي تعصف به منذ مدة، خاصة بعد أن تخلى عنه أكبر رموزه، والذين كانوا يقفون ذات يوم إلى جانب أردوغان في حروبه الداخلية والخارجية، بعد أن اكتشفوا أن أجندته لم تعد هي تلك التي نادى بها، بعدما تحول إلى وحش كاسر يرغب في التهام الجميع بمن فيهم من كانوا حلفاءه".
ولفتت الى أن "الرئيس الأسبق عبدالله أوغلو ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو ونائب رئيس الوزراء علي باباجان يعتبرون من أبرز الشخصيات التي انسحبت من الحزب وافترقت عن أردوغان، وبدأت تعد العدة لتشكيل كيانات خاصة بها، وهي خطوة تشكل ضربة قوية للرئيس التركي، الذي كان يراهن على تماسك الجبهة الداخلية لمواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة، خاصة بعد الفوز الكبير الذي حققته المعارضة في انتخابات البلديات الأخيرة في حزيران الماضي، وسقوط إسطنبول، أهم مدينة محببة لأردوغان"، مشيرة الى أن "المنشقين يرون أن تركيا لم تعد تلك الدولة التي رسمتها أحلامهم، بل تحولت إلى جمهورية مصغرة خاصة بأردوغان، وأن البلد يحتاج إلى رؤية جديدة تتجاوز فكرة الهيمنة والسيطرة المطلقة، والانكفاء على الداخل، عوضاً عن الانفتاح على كافة القوى السياسية في البلاد وعلى الخارج، خاصة بعد إصرار أردوغان على التفرد بالحكم ووضع كل مخالفيه في سلّة الأعداء بمن فيهم حلفاؤه، الذين كانوا مساهمين معه في بناء تركيا الحديثة"، مشددة على أن "الاستقالات التي قدمها المنشقون المذكورون من الحزب، إضافة إلى عدد من الجنرالات في الجيش، أحدثت شروخاً في جسد "الدولة الأردوغانية"، وعمقت الخلافات داخل حزب العدالة والتنمية، الذي خسر كثيراً بخروج عدد من رموزه، بالذات أحمد داوود أغلو، الحليف الوثيق للرئيس أردوغان، والذي وجه انتقادات حادة للحزب بعد خسارته المعركة على رئاسة بلدية إسطنبول والتي اعتبرها مراقبون نذير شؤم لأردوغان، الذي كان يكرر دائماً أن من يحكم إسطنبول يحكم تركيا كلها".
وشددت على ان "الخسارة السياسية لاردوغان لم تعد الوحيدة في المشهد القائم في تركيا، فهناك أزمات متعددة بدأت تطل برؤوسها في البلاد، من بينها الوضع الاقتصادي الذي بدأ يتعرض لانهيار مع هبوط قيمة العملة المحلية "الليرة"، إضافة إلى العلاقات الخارجية المتردية، ومع الولايات المتحدة الأميركية بالذات على خلفية صفقة منظومة الصواريخ "إس 400"، التي تم شراؤها من روسيا"، مؤكدة أن "السبحة كرت وبدأت قبضة أردوغان على الأوضاع بالارتخاء، وبات مشروع حكم "الإخوان المسلمين" في تركيا وخارجها مهدداً، وقد بدا ذلك واضحاً بطريقة تعاطيه مع فوز المعارضة بالانتخابات الأخيرة، حيث طعن في نتائجها في أول فوز، لكن المعادة عادت لتمنح المعارضة تفوقاً واضحاً، ومعها تأكد لمن يحلم باستعادة لقب "الخليفة العثماني"، أنه لم يعد صاحب الكلمة الوحيدة في تحديد مصير تركيا، وأن قواعد اللعبة اختلفت بشكل كامل".